الفساد في لبنان .. واقعه وجذوره (14) – الراصد العربي

الفساد في لبنان .. واقعه وجذوره (14)

حين استنكر سياسي لبناني عدم قتل الف شخص من أجل شنق لحود

لا يقتصر الفساد على نهب المال والاملاك العامة والهدر والفساد في لبنان، بل يمتد حتى الى التضحية بالناس من أجل شهوة السلطة والثروة، فتبدو معظم الطبقة السياسية أو الطغمة السياسية، “الوجوه التي كأنها رخام القبور” على حد وصف فرانز كافكا، ويتضح ذلك حينما أطلقت 14 آذار عام 2006 “حملة فل” ضد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، وإطلاق التهديدات بالزحف لاحتلال القصر الجمهوري، مما اضطر الرئيس لحود لأن يبلغ من يعنيهم الأمر انه” لن يسمح لكائن من كان أن يصل الى القصر، وسأعود قائدا للجيش وأقود الدبابة بنفسي”، وفي اطار التصدي لهذه الحملة ووقف التهور والغطرسة، ابلغ موقفه، بواسطة العميد جورج خوري الى البطريرك الماروني والى قائد الجيش في حينه، وبعدها بنحو أسبوع علم الرئيس لحود أن مسؤولا سياسيا كبيراً، يعتبر نفسه مؤهلا لرئاسة الجمهورية، وهو كان وزيرا سابقا ونائبا، التقى مع مسؤول فرنسي منتدب من قبل الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، فتسأل الشخصية اللبنانية المسؤول الفرنسي: لماذا لم تشجعوا وتدفعوا لاقتحام القصر الجمهوري؟

يرد المسؤول الفرنسي: إميل لحود معروف بتصلبه وتمسكه بمواقفه وعناده، وفي محاولة الاقتحام ستحصل مواجهات ويسيل الدم.

هنا يرد الوزير اللبناني السابق: هذا هو المطلوب، يقتل ألف شخص، فيكون الأمر جيداً، فيصير وضعه كوضع صدام حسن، وتعلق له المشنقة.

فتأملوا هذه العقلية التي تتحكم بكثير من السياسيين اللبنانيين.

بالمناسبة: نذكر بكيفية ادخال براميل النفايات السامة 1987 -1989 التي طمر قسم منها في جبيل وكسروان ورمي قسم آخر في البحر واعيد قسم كبير منها الى إيطاليا، وقبض عليها كما ذكرت معلومات ٢٤١ مليون دولار.

نذكر أيضا برسم المرور والاتاوات والخوة على المعابر بين ما كان يسمى المناطق الشرقية والغربية ، والمرافق والمرافىء غير الشرعية ومن استفاد من المبالغ الخيالية التي جمعت.

كثيرة حكايات الفساد في لبنان، وللتذكير أيضا نشير الى فضيحة ” القوادة عفاف” في خمسينيات القرن الماضي في عهد الرئيس كميل شمعون الذي يشاء البعض ان يصفه ب”عهد الرخاء” حين ضج الجيران قرب أحد مواخيرها، فاعترض سكان المنطقة على نشاط البيت المشبوه وتقديمهم عريضة لختمه بالشمع الأحمر، فكانت النتيجة، بعد تدخل عفاف مع أصدقائها النافذين أن حُفظت الشكوى بحجة أن ما تقوم به مع فتياتها يدخل ضمن تصنيف “تشجيع السياحة والاصطياف”.

بأي حال، الفساد ونهجه دائما له في بلدنا وجود ونجوم متلألئة ، فقد استلم الرئيس السابق ميشال سليمان رئاسة الجمهورية في النصف الثاني من العام 2008، ولكي لا نظلم الرجل سنبدأ الحديث من العام 2009، لتكون المفاجأة بأن مركز لبنان بين الدول الفاسدة قد تراجع كثيراً واصبح بالمركز 130 من أصل 180 دولة، أي بنسبة “72 بالمئة” وهي النسبة التي لم يقترب منها لبنان سابقا. وتستمر هذه النسبة على حالها رغم وعود سليمان بمواجهة الفساد، ففي العام 2010 أتت النسبة “71 بالمئة”، و”73 بالمئة” عام 2011، ومن ثم “73 بالمئة” في 2012، و”72 بالمئة” عام 2013، واخيرا وبنسبة غير مسبوقة ودّع سليمان الحكم بنسبة “مشرّفة” بلغت “78 بالمئة” فحلّ لبنان بالمركز 136 من أصل 175 دولة، ليكون بذلك لقب الفساد ملازما للدولة اللبنانية أينما ذكرت حول العالم.

بأي حال، يبدو أن نهج الفساد في لبنان صار افقا وعاموديا ، وامتد الى ما يسمى اكذوبة “المجتمع المدني” ففي حديث تلفزيوني لوزير الداخلية السابق محمد فهمي، أكد أن “الساحة اللبنانية مخترقة من أجهزة مخابرات دولية من خلال بعض المنظمات غير الحكومية التي يربوا عددها في لبنان عن 11500 جمعية، نصفهم يعمل تحت أجنحة أجهزة مخابرات دولية، ضد لبنان..” وكشف فهمي “أن ضغوطا دولية مورست على الحكومة اللبنانية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان “، مضيفا “لقد حاولوا الضغط علينا بكل الوسائل لتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.. وقد مورست الضغوط من خلال منظمة UNHCR “، وفق ما قال الوزير فهمي. .. وهذا برسم مدعي السيادة والاستقلال وحب لبنان الزائد ، ودعاة المجتمع الدولي وحياد لبنان . ( يتبع حلقة أخيرة )

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات,الثلاثاء 27 كانون الأول , 2022