المبادرة الكويتية.. دعوة للاستسلام 2/1 – الراصد العربي

المبادرة الكويتية.. دعوة للاستسلام 2/1

لوحظ في المبادرة الكويتية تجاه لبنان أنها كانت تحت عنوان: “إجراءات إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي”، وهي في حقيقتها مجرد مطالب خليجية ودولية وتحديداً أميركية و”إسرائيلية” لأنها ركزت على تنفيذ القرارات الدولية، وخصوصاً القرار رقم 1559 والقرار رقم 1680، والقرارات الدولية والعربية ذات الصلة، وضمان ألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع استقرار وأمن المنطقة، ومصدراً لتجارة وترويج المخدرات.
بصرف النظر ما إذا كانت هذه المبادرة خروجاً عن الدور المميز الذي كانت تلعبه الكويت بخصوص لبنان، وتميزت على الدوام بتوازنها ودعمها له، إلا أنها هذه المرة، تعلن الانحياز الكامل ضد مصلحته الوطنية والقومية.
ثمة عدة ملاحظات هامة على هذه المبادرة التي تعلن تحول الكويت عن دورها التاريخي أبرزها:
– أن لبنان غير قادر على ذلك، لأنها لا تهدد السلم الأهلي وحسب، بل تعني عودة “إسرائيل” إلى لبنان وممارسة إجرامها وعدوانيتها بشكل واسع ويومي.
– إن بديل نزع سلاح المقاومة يفترض تسليح الجيش اللبناني، الذي لا يمتلك سلاحاً جوياً ولا دفاعاً جوياً، ولا سلاح دبابات ومدرعات قادراً على التصدي للعدو، لا بل أن الولايات المتحدة التي لم تكتف بعدم تسليح الجيش، إنما ضغطت على دول العالم لعدم مساعدته، ونذكر على سبيل المثال: العرض الروسي بهبة طائرات الميغ-29، وعروض التسليح التي كاد وزير الدفاع الياس المر انئذ أن يقيم لها حفلة دبكة، العرض البلجيكي بتسليج الجيش بدبابات وناقلات الجند.
الهبة السعودية في زمن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز التي سرعان ما تراجعت عنها الرياض، بضغط أميركي، كا تردد.
وغيرها الكثير ومنها العرض الإيراني المستمر بتسليح الجيش.. حتى وصل الأمر بالإدارة الأميركية إلى مساءلة لبنان عن استعمال جندي لبناني بندقية أميركية “16M” إبان حادثة شجرة العديسة المشهورة.
لم تأت المبادرة على ذكر الإرهاب المدعوم سعودياً والذي عانى منه لبنان طويلاً ونذكر منها على سبيل الأمثلة لا الحصر، محاولة اغتيال العلامة محمد حسين فضل الله -رحمه اهر،- في العام 1985 التي نفذتها المخابرات الأميركية بالتعاون مع المخابرات البريطانية والصهيونية وبتمويل مباشر من بندر بن سلطان على حد اعتراف كايسي مدير الاستخبارات الأميركية الأسبق.
والسعودية تتحمّل مسؤولية  الأعمال الارهابية التي قامت بها   الجماعات الارهابية التكفيرية من  تفجيرات استهدفت مختلف المناطق اللبنانية،  وكان ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى بين الاعوام 2013 و2015.  وكان أهمها التفجير الكبير في منطقة “الرويس” في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتفجير الذي استهدف السفارة الايرانية، بالاضافة الى اليد السعودية المباشرة في التفجير المزدوج الذي نفذه إرهابيان سعوديان في فندق ” دو روي” في منطقة الروشة في العاصمة، استطاعت الأجهزة الأمنية اعتقال الثاني، الذي لم يقتل، حيث اعترف بنية السعودية بتنفيذ عملية آخرى في مطعم “الساحة” عند طريق مطار بيروت الدولي.
وكذلك دور السعودية في أحداث مخيم “نهر البارد” عام 2007 حيث اندلعت الاشتباكات بين العناصر المسلحة والجيش واستشهد حوالي 168 جندياً ، وفي تلك الأحداث برز الدور الكبير لجماعة “فتح الاسلام” والتي يرعاها بشكل مباشر السعودي ماجد الماجد، الذي أوقفه الجيش اللبناني عام 2013 بعد ان كان قد انتقل الى “توسيع” عمل مجموعاته بين سوريا ولبنان.
ولا يغيب الدور السعودي عن تأمين وصول الجماعات الارهابية المسلحة من “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها عند مناطق عرسال والحدود اللبنانية السورية، وكانت إحدى بوابات دخول السيارة المفخخة الى بيروت. وقد خاض الجيش اللبناني والمقاومة معارك تطهير تلك المنطقة حتى تحريرها بالكامل عام 2017.
إلى ذلك، لا يمكن أن ننسى اعتقال رئيس حكومة لبنان سعد الحريري عام 2017 وإجباره على الاستقالة المعدة له سلفاً عن بعد … فماذا يسمى ذلك؟! 
أما بشأن المخدرات، فإن ازدياد الإنتاج وارتفاع عمليات التهريب إلى السعودية مرتبطان بارتفاع الطلب في بلدان الاستهلاك. ووصول حبوب الكبتاغون إلى السوق السعودية أو الخليجية يفترض أن هناك تجاراً سعوديين وخليجيين على الطرف الآخر، هم من يستلمونها ويتولّون توزيعها. لكن اللافت أن الحكومة السعودية، التي تصبّ جام غضبها على لبنان لدى اكتشاف كل عملية تهريب، لم تكشف يوماً عن أي من التجار الكبار المحليين، باستثناء من تعلن إعدامهم بتهمة الترويج من أبناء الجاليات الهندية والفيليبينية وغيرها. علماً أن توقيف الأمير السعودي عبد المحسن آل سعود («أمير الكبتاغون»)، في مطار بيروت عام 2015 أثناء محاولته تهريب طنين من حبوب الكبتاغون في طائرته الخاصة، مؤشر على الفئة التي ينتمي إليها المنخرطون في هذه التجارة في السعودية.وكثير من عمليات التهريب الى السعودية كشفت بواسطة الاجهزة الأمنية اللبنانية التي لم توجه لها الرياض كلمة شكر واحدة .
كان يمكن للمبادرة الكويتية أن تكون متوازنة نوعاً ما، لو تناولت أيضاً تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، وبحقوق الشعب الفلسطيني ومنها القرار 425 الصادر عام 1978 بعد العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان ليل 14-15آذار تحت عنوان “عملية الليطاني” حيث استولت على مناطق جنوب الليطاني في الجنوب اللبناني، فدعا القرار العدو إلى الإنسحاب وإلى إقامة قوة تابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)، وانتشار الجيش اللبناني، لكن اسرائيل خلقت كياناً عميلاً بقيادة العميل سعد حداد ثم العميل انطوان لحد.
ويلاحظ هنا أنه في أثناء التحضير لانتشار الجيش اللبناني جنوباً في حينه، حصلت مجزرة إهدن التي حصلت في شهر حزيران 1978، مما أخر توجه الجيش جنوباً، وحين بدأ هذه العملية في شهر تموز توقف في بلدة كوكبا، بسبب القصف الاسرائيلي العنيف.. وهكذا لم ينفذ القرار 425 إلّا بفضل المقاومة التي أجبرت العدو على الاندحار في أيار 2000 عن معظم أراضي الجنوب من دون قيد أو شرط.
وهنا حبذا لو نصت المبادرة الكويتية على وقف الأعمال العدائية من السعودية تجاه لبنان.

وللعرض صلة…

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات , الجمعة 04 شباط , 2022