حينما فكر بيو بنظام ملكي في لبنان – الراصد العربي

حينما فكر بيو بنظام ملكي في لبنان

قد يكون المفوض السامي الفرنسي “غبريال بيو” محقاً حين وجد أن النظام الملكي هو الأفضل للبنان، ولهذا يقول: أنه عمل مع الأوساط الفرنسية العليا لقلب النظام الجمهوري في لبنان وسورية وتحويله إلى ملكي، أو على الأقل إمارة لا يعتلي عرشها في لبنان سعودي ولا مصري أو تونسي، فيكون ملكاً مسيحياً من أمراء برنادوت الأسوجيين.

وجاءت الحرب العالمية الثانية، وهُزمت فرنسا، وحل الجنرال دانتز من قبل حكومة فيشي مكان المفوض بيو، وانتهى مشروع الملكية.

تُرى لماذا فكر المفوض بيو بنظام ملكي في لبنان؟؟ هل أنه كان يعلم أن كثيراً من العائلات السياسية التي تتوارث البلاد “كابراً عن كابر” هي عائلات من أصول غير لبنانية، حيث أن “آل أده” من حوران في سورية، وإميل إده الذي انتخب رئيساً للجمهورية في الثلاثينيات من القرن الماضي ولد في دمشق، كحال أول رئيس انتخب عام 1926 “شارل دباس”، وآل تويني هم من قبيلة المساعيد ذات الأصول الحورانية، ونفس الحال فإن آل الجميل جاءوا من قرية يحفوفا السورية قرب دمشق، وأنطون رزق والد وزير سابق في لبنان كان مديراً لمكتب المفوض السامي الفرنسي، وهو من اللاذقية، والقائمة تطول.. .

فهل رأى بيو في “السلالات” السياسية اللبنانية التي عرفها وخبرها جيداً أنها لا تصلح لقيادة البلاد، فقرر جلب ملك أو أمير أسوجي ليحكم لبنان..؟
وهل رأى أن “السلالات” السياسية اللبنانية التي تتوارث المراكز والنيابة والوزارة والأحزاب وحتى الجمعيات ولجان المباني.. هي ملكيات أسرية وعشائرية وقبلية لا تعرف كيف تخرج من نطاق الأسرة والقبيلة إلى المجتمع الأوسع؟؟

فإذا أسس الجد حزباً وأصبح رئيساً وزعيماً له فإنه لا يحق لأحد من غير أبنائه أن يحتل قمته من بعده، كما لا يحق لأحد من غير أحفاده أن يصبح المنظر الأوحد، والفهيم الفريد، والوارث الأغر للمراكز والوجاهة.. وهلم جرا.

ربما يكون من حقنا أن نستعير من الزميل اسكندر رياشي ما قاله يوماً: “إنما السياسيون المفسدون المتاجرون، والسياسيون الذين لم يتاجروا متشابهون أصلاً: الأولون تاجروا علناً وبوقاحة، والأخرون عرفوا كيف يتاجرون بأدب ولباقة”.

وليس مستغرباً أن نعرف أن معظم الرجال الذين مشوا في هذه الدولة.. ليس أنهم لم يتركوا باباً للإثراء إلا وطرقوه، ولا وسيلة للغنى إلى واستعملوها واستفادوا منها، بل فتحوا حقول استثمارات جديدة مدهشة أمامهم في دوائر الدولة بطريقة نابغة جداً تستوجب إحناء رؤوسنا تقديراً لهم.

إن لم تصدقوا، فتذكروا النيابة والوزارة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وهيئة الإغاثة ومجلس الجنوب.. ولا تنسو أبداً “السان جورج” وربما محرقة برج حمود وسوليدير ومغارة الكهرباء، وشفط رمول الشاطئ اللبناني، والاستيلاء على أجمل شاطئ في حوض المتوسط، أطلق عليه في يوم مضى منذ زمن بعيد “الشاطئ الذهبي”، وتذكروا عدد المليارديرات القدامى وما قبل القدامى والجدد والمستجدون، تذكروا الورثاء السياسيون، وحضروا معكم “ببرونات”.
بئس الزمن الذي يوصل أشباه الرجال ومشاريع النساء!!.

الثبات – أقلام الثبات – أحمد زين الدين

الخميس 07 تشرين الأول , 2021