خلاف فرنسي – سعودي حول الرئيس الذي سيكلف بتشكيل حكومة لبنان: اين “السياديون”؟ – الراصد العربي

خلاف فرنسي – سعودي حول الرئيس الذي سيكلف بتشكيل حكومة لبنان: اين “السياديون”؟

يفترض ان تنتهي الاستشارات النيابية الملزمة التي تأخرت عن موعدها نحو شهر، بإعلان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، لكن هل يمكن ان يكون للبنان رئيس مكلف في ظل ما نشهده من تدخلات في شؤون لبنان الداخلية، وتسابق سياسيين ونواب لبنانيين على كسب ود هذا السفير أو السفيرة، وهذه الدولة أو تلك، وكل يستقوي بدعم من دنيا الله الواسعة، من اجل مكسب ما، في السلطة او في السياسة في بازار ليس له مثيل في المعمورة.

وآخر صور الصراع المستهجن على موقع الرئيس المكلف هو الخلاف الفرنسي – السعودي حول اسم الرئيس الذي سيكلف بتشكيل “حكومة الجمهورية اللبنانية “:

السعودية تريد نواف سلام

فرنسا تريد نجيب ميقاتي

وعلى الطريقة اللبنانية منذ زمن القناصل، مازال بين الساسة “الأفاضل” رهط يعرف كيف ينتقل من مكان الى آخر بسرعة الريح، فمثلاً مع اعلان دولة لبنان الكبير، اجاد هؤلاء “الأفاضل “توزيع الأدوار ومنها على سبيل المثال لا الحصر: كان هناك يوسف نمور عضوا في المؤتمر السوري، فيما كان شقيقه موسى عند الفرنسيين ومن أشد انصارهم في البقاع .

وكان اسعد حيدر عضوا في المؤتمر السوري ونجله عضوا في اللجنة الاستشارية الفرنسية في لبنان. بينما كان اسكندر عمون مع الانكليز وشقيقه داوود مع الفرنسيين .وكميل شمعون كانت له رجل في فلاحة الانكليز ورجله الأخرى في بور الفرنسيين وهلم جرا . وغيرها الكثير من الوقائع والأمثلة والقصص اللبنانية عن تبدلات وتحولات محترفي ” اللعب السياسي ” أو “هواته”.

الآن، يبدو أن السفير وليد البخاري، وهو سفير الديمقراطية السعودية النادرة في الكون البشري، بات يعرف معنى كلمة “انتخابات”، وبات مرجعا في مفهوم تداول السلطة وفي تشكيل الحكومات في لبنان واستشاراتها، ومضاربه في موقف سيارات دارته جعلته يتعلم جيدا ” فن الوصول في الأكل على الأصول “.

اعتقدنا أنه فهم بعض أصول وفصول اللعب السياسي بانخراطه الكلي في الانتخابات الأخيرة التي تحول فيها الى ” مفتاح” انتخابي “، تحرك فيه بالطول والعرض في مختلف الدوائر الانتخابية، بشكل بدا فيه صانعا للوائح ومتدخلا في تركيبها وتشكيلها، وهو أمر لم يسبقه اليه جيفري فيلتمان الذي وصلت به الوقاحة لأن يجول في انتخابات 2005 على مراكز الاقتراع وهوما استدعى رئيس الحكومة انئذ نجيب ميقاتي لأن ينبهه الى ذلك، لكن البخاري لا حدود لتدخلاته التي تارة تكون بجمع “القبائل” السياسية، وطورا بتغريداته المثيرة. فحبذا لو يعرف سعادته ان أجدادنا الفينيقيون كانوا يبيعون زيت الزيتون على الشواطئ البعيدة في بلاد الأندلس التي حلّوا بها على انه ” ماء الخلود “.

ببساطة هكذا كان لبنان منذ منتصف القرن التاسع عشر، حين استخدمت الدول الأوربية الكبرى آنذاك دماء الطوائف اللبنانية الحالية، والآن للغرض نفسه تستخدم أصوات الطوائف، وحتماً دماءها غداً.

وقد كشفت إحدى وثائق ويكيليس، خطة للحكومة السعودية تهدف إلى صرف نحو مليار دولار تقريباً لدعم مجموعاتها في لبنان في الانتخابات النيابية لعام 2009، وما تزال على نفس النهج مستمرة.

بكلمات أوضح: الانتخابات اللبنانية هي انتخابات إقليمية دولية بإمتياز، لكن أكثرية اللبنانيين لا يعلمون، لأنهم غارقون في أحقادهم الطائفية وغرائزهم المذهبية، ونزعاتهم الزبائنية.

اما الفرنسيين وتدخلاتهم، نكتفي بالتمني ان يوفق الرئيس ماكرون في تشكيل حكومته، بعد الانتخابات التي خذلته، وانتزعت منه اكثريته النيابية.

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات ,الأربعاء 22 حزيران , 2022