سياسة واصا باشا مستمرة .. لبنان في أسوأ ازمة عالمية منذ 250 عاما – الراصد العربي

سياسة واصا باشا مستمرة .. لبنان في أسوأ ازمة عالمية منذ 250 عاما

منذ الاستقلال قبل ثمانين عاما ، عرف لبنان كل انواع الازمات التي تنفجر في كل مرة لتطال شظاياها وشراراتها وكوارثها اللبنانيين، رغم أن بيان الحكومة الاستقلالية الأولى وضع الأصبع على الجرح اللبناني النازف ، حيث أعلن البيان أن الحكومة “ستبادر لإصلاح الدستور اللبناني بحيث يصبح ملائماً لمعنى الاستقلال الصحيح وإلغاء المواد التي لا يتفق وجودها وقيام الاستقلال، ومنها ما يجعل لغير اللبنانيين مشاورة في تسيير شؤونه”.

وإذا كان لبنان قد شهد في تاريخه الحديث على الدوام العديد من الأزمات لعل ابرزها ماليا كانت عام 1966 ، المتمثلة بأزمة بنك انترا ، فان الأزمة الحالية التي يعيشها لبنان تعد من اسواء الأزمات في العالم ، فوصفها البنك الدولي ، على حد تعبير مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك ساروج كومار جاه بقوله :” لقد شهد لبنان العديد من الأزمات ولكن هذه الأزمة هي الأسوأ” واستدرك: “لا بل إن أزمة لبنان هي من ضمن ثلاث أسوأ أزمات في العالم، والوضع الاقتصادي مريع”. ، بيد أن الوقائع تقول انها قد تكون أسواء من خمس أزمات عرفها العالم منذ 1772 .

1 – أزمة الائتمان البريطانية التي بدأت في لندن وانتشرت في عموم أوروبا، وذلك عندما كونت بريطانيا ثروة هائلة من خلال ممتلكاتها الاستعمارية وتجارتها في فترة 1760، فخلقت حالة من الإفراط في التفاؤل، أفضت إلى التوسع الائتماني السريع من قبل العديد من البنوك البريطانية. الذي انتهى بشكل مفاجئ في 8 حزيران 1772، عندما فر ألكساندر فورديس، أحد شركاء البنك البريطاني “Neal, James, Fordyce and Down” إلى فرنسا، هربا من سداد ديونه. وبعد أن انتشرت أنباء الهروب ،عمت حالة من الفزع في إنكلترا، حيث بدأ الدائنون في تشكيل طوابير طويلة أمام البنوك البريطانية للمطالبة بسحوبات نقدية فورية. وقد انتقلت الحالة إلى كل من اسكتلندا وهولندا، ودول أوروبية أخرى. ويرى مؤرخون أن التداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة كانت أحد أهم الأسباب في تظاهرات حفل شاي بوسطن، التي أدت إلى استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا.

2- أزمة الكساد الكبير 1929 التي استمرت عشر سنوات أي حتى 1939، وتعتبر هذه الأزمة الأسوأ خلال القرن العشرين، وهي بدأت عندما انهارت سوق الأسهم الأميركية في عام 1929، ليتفاقم الأمر بسبب السياسات الاقتصادية الفقيرة للإدارة الأميركية آنئذ ،وقد أسفر ذلك عن خسارة هائلة في الدخل ومعدلات بطالة قياسية ونقص في الإنتاج، خصوصا في الدول الصناعية ، فبلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة البطالة حوالي 25 في المئة في ذروة الأزمة عام 1933.

3-أزمة النفط 1973 ، وقد بدأت هذه الأزمة عندما قرر الأعضاء العرب في منظمة أوبك قطع النفط ووقف صادراته الى الولايات المتحدة والغرب ردا على قرار الولايات المتحدة بدعم ” إسرائيل ” غير المحدود خلال حرب 1973. وقد أدى هذا إلى نقص كبير وارتفاع حاد في أسعار النفط، تبعته أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة والعديد من البلدان المتقدمة. وقد أدت هذه الأزمة إلى حدوث تضخم مرتفع للغاية ، وركود اقتصادي. ونتيجة لذلك، سمى الاقتصاديون هذه الفترة باسم ” الركود زائد التضخم. وقد استغرق الأمر عدة سنوات حتى ينتعش الإنتاج ويتراجع التضخم إلى مستويات ما قبل الأزمة.

4- أزمة نمور آسيا 1979 ، فقد ثارت تدفقات رؤوس الأموال المضاربة من البلدان المتقدمة إلى اقتصادات شرق آسيا أو مجموعة الدول التي تعرف بـ”النمور الآسيوية” مثل تايلاند وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، حالة من التفاؤل، أدت إلى الإفراط في الائتمان، وتراكم الديون في اقتصادات هذه الدول.

وفي يوليو 1997، اضطرت الحكومة التايلاندية إلى التخلي عن سعر صرف عملتها الثابت مقابل الدولار الأميركي الذي حافظت عليه لفترة طويلة، بسبب قلة مصادر العملات الأجنبية. وقد أدى هذا إلى اندلاع موجة فزع وسط الأسواق المالية الآسيوية، ما انعكس سريعا على الاستثمارات الأجنبية التي تصل قيمتها مليارات الدولارات.ومع انتشار الذعر في الأسواق وتزايد قلق المستثمرين من حالات الإفلاس المحتملة لحكومات شرق آسيا، بدأت المخاوف من الانهيار المالي في جميع أنحاء العالم في الانتشار، وقد استغرق الأمر سنوات للتعافي.

5-الأزمة الاقتصادية الأميركية 2007 أو ما عرف بالفقاعة الأميركية ، فقد أدت هذه الأزمة في 2007 إلى ركود كبير، يعتبر أشد أزمة اقتصادية منذ ركود عام 1929، وأحدث ركود 2007 دمارا في الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم ، وقد اندلعت الأزمة بسبب انهيار ما سميت وقتها بـ”الفقاعة العقارية” في الولايات المتحدة، ما أدى إلى انهيار بنك “ليمان براذرز” الاستثماري في سبتمبر 2008، كما أن العديد من المؤسسات المالية العالمية كانت على شفا الانهيار، وتطلب إنهاء الأزمة عمليات إنقاذ حكومية غير مسبوقة، واستغرق التعافي نحو 10 سنوات، بعدما خسر العالم ملايين الوظائف ومليارات الدولارات. اذا كانت هذه الازمات ، قد شهدت حلولا ، فيبدو عندنا العجز التام ، مع مزيد من تدهور حياة المواطنين نحوالفقرالمدقع،لأن سياسة المتصرف واصا باشا رابع المتصرّفين الذي حكم الجبل لعشر سنوات من عام 1882 الى 1892 عرفته العامّة من الناس ، وعرفه المؤرّخون بحبّه للمال وجشعه، ورعايته للفساد.

(وهذا لنا عودة اليه)

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات,الأربعاء 01 شباط , 2023