على الحد الفاصل بين عام وآخر – الراصد العربي

على الحد الفاصل بين عام وآخر

عام يرحل، حاملاً أيامه، وما فيها من أحزان وآلام وسلبيات، كانت فيه نادرة الإيجابيات مع قليل قليل من الآمال والأحلام.

عام يعصر آخر أيامه، التي لا يقطر منها: سوى عتمات الليالي، وسيرة الفساد التي تضج في كل جنبات ومفاصل نظام سياسي عشعشت فيه كل أسباب نهاية الخدمة، بحيث لم يعد “حراس الهيكل” يستطيعون أن يكسوا “الهيكل العظمي” لهذا المخلوق العجيب، باللحم والأعصاب، وضخ الدم في أوردته، لأنه سبق لهؤلاء الحراس أن مصوا كل دمائه ودسمه.

هذا النظام ببساطة، هو نظام مهترئ عن بكرة أمه وأبيه، ولم يعد باستطاعة أحسن وأفضل ما شطات الكرة الأرضية أن تزينه أو أن تعيد إليه بعضاً يسيراً من زهو الشباب، بعد أن امتص حراسه كل رحيقه، فبات كل شيء فيه يحتاج إلى أعجوبة.

كل ما في هذا المخلوق العجيب، بات في أزمة وعجز وشلل:

مصارفه سرقت أموال المودعين. 

الموازنة العامة للدولة بحاجة إلى أعجوبة لترى النور، وبهذا، لا أحد يعرف مدخول الدولة ولا مصروفها، والدين يتراكم والعجز يتفاقم، والليرة تهبط نزولاً، ومصرف المصارف، وحاكمه وحواشيه، يغطون “السموات بالقبوات” ولا أحد يجرؤ حتى أن يقول له: “ما أحلا الكحل في عينيك”، والليرة السوداء، تجعل حياة الناس في قبضة سعير التجار والاحتكارات والمافيات المتعددة الألوان والأجناس، فيما الدولار الناري يزداد لهيبه، وحاكم مصرف المصارف، يعيش في برجه من دون أي تدابير، ويجعل للعملة الخضراء أربعة أو خمسة أسعار بين سعر كان سائداً على مدى 29 عاماً أي 1507 ليرات للدولار الواحد، وسوق سوداء لا تقف عند حدود، ولا تستريح في يوم تعطيل، حتى في الأعياد والعطل الرسمية يستمر في الأكل والتهام ما يدخره الناس في بيوتهم، وبين هذا وذاك هناك منصة صيرفة، وسعر 8 آلاف و12 ألف ليرة للدولار الواحد، ويستمر أنين الناس وصراخهم، وتوسلاتهم، بعد أن صار أكثرهم من خط الفقر وما تحته.

ويحدثونك عن البطاقة التمويلية: فقل علمها عند أقطاب السياسة وصنَّاع أزماتنا، وحتماً هي ستكون على أبواب الانتخابات إذا حصلت، لتكون رشاوى انتخابية للمواطن – الناخب من حسابه.. والله ولي الأمر والتدبير.

ماذا عن أسعار النقل التي تلتهم مدخول الموظفين والعمال والمستخدمين.

ماذا عن المرامل والكسارات التي تنهش جبالنا وغاباتنا.

وماذا عن الحرائق التي تلتهم بلا رحمة بساطنا الأخضر.

وماذا عن شواطئنا التي صارت بلا رمال ومكبات للنفايات.. أما عن الأملاك البحرية والنهرية الموضوع يد النافذين عليها، فحدث ولا حرج، المهم أن أصحابها هم أهل “القرار” أو من أتباعهم.

ماذا بعد؟

تعالوا نصنع من هذا الحطام الذي أوصلنا إليه طبقة سياسية متوحشة، زمناً آخر.. 

لا تصدقوا ما يقوله خبراء البنك والنقد الدوليين الذين يريدون أن تبيع الدولة كل شيء من حبة الماء حت “السماء الزرقاء” تحت عنوان “الخصخصة” فتصبح بذلك دولتنا: تحرث العدم التي يكون حصادها الفناء.

تعالوا نستمع إلى كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي السابقة حيث تقول: “الحرب ليست في الأنبار ولا حتى في العراق أو سورية، الحرب هي على اقتصاديات الدول وتفقيرها وتجويع شعوبها، وتجريدها من قوتها المالية، ومن ثم العسكرية، لجعلها غير قادرة على تسديد رواتب موظفيها، ومنهم العسكريين وقوى الأمن، لتظهر قوى مسلحة خارج إطار الدولة وتنتهك القانون وتسلب الناس وتثير الفوضى وتأخذ الأتاوات”.

هيا لنأخذ نصيحة مستشار ألماني هو الراحل كونراد أديناور الذي يقول: “لنصنع بلادنا بأيدينا لا بدموعنا”.

يا إلهي: ماذا بفعل ساسة “اللوياجيرغا” في بلدنا كيف هؤلاء الساسة، ما هو الحد الأدنى من الأفكار التي يعتنقوها، هل لديهم نظرية على الضمير الإنساني كأساس فلسفي لقيام الدولة، وما هي نظريتهم على الضمير الاجتماعي لقيام “المجتمع”.

1943 – 2022: نظام مأزوم مأزوم وعلى الحد الفاصل بين 2021 و 2022 لا نملك إلا أن نقول كل عام والجميع بخير..

كل عام وبلدنا وشعبنا بخير

وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات , الخميس 30 كانون الأول , 2021