عام يرحل حاملاً أيامه وما فيها من ألم وأحزان و سلبيات، وحطام من الآمال والأحلام والإيجابيات.
عام يعصر آخر أيامه التي لايقطر منها سوى عتمات الليالي، وسيرة الفساد التي تعج من جنبات وزوايا ومفاصل نظام سياسي تعشعشت فيه كل أسباب نهاية الخدمة، بحيث لم يعد كل “خراس الهيكل” لهذا يستطيعون أن يكسوا “الهيكل العظمي” لهذا النظام، باللحم والعصب ليس بسبب اكتشافات أهل النظام – الدكان لمفاسد مغارات صناديقهم المذهلة في مغاور “علي بابا”، فهذا النظام بأمه وأبيه وسلالاته، لم يعد باستطاعة أحسن ماشطات الكرة االأرضية أن ّ تزينه، أو أن تعيد إليه بعضاً ضئيلا من زهو الشباب، بعد أن امتص حراسه كل رحيقه، فبات كل شيء فيه يحتاج إلى أعجوبة:
رئيس الجمهورية يحتاج انتخابه الى أعجوبة، والأعجوبة لن تتحقق إلا باتفاق السند والهند وبلاد الواق الواق، التي تتنزل “وحيا” على نواب “الأمة”، فيقولون له: “كن فيكون”.
الموازنة العامة للدولة بحاجة إلى أعجوبة في هذا البلد الذي استمر منذ 2006 حتى 2017 منذ بلا موازنة عامة للدولة، بحيث لم يعرف مدخولها ولا مصروفها والدين ماشي والفائدة ماشية والعجز يتزايد “واسلم بطول إقامة يا مربع”.
قانون الانتخاب منذ العام 1992 “ع الوعد ياكمون”، لا بل منذ العام 1943 أحاديث وأحاديث عن قانون انتخابات أكثر عدالة، وأكثر حداثة وتوازناً وعصرنة، لكن ببساطة الديموقراطية في بلادنا تحولت الى ديمقراطية المهزلة ، فهل من أحد من زعماء الطوائف مستعد للتخلي عن “عصاه” التي جعلها ممثلا ل”الأمة”..
ماذا سيأخذ عام 2023 من عام 2022 ؟
اولاً: الفراغ الرئاسي.
ثانياً: نواب 15 أيار، بما فيهم من نواب تغيير أو بشكل أدق نواب التعتير.
ثالثاً: حكومة انتهت صلاحياتها ومهمتها دستوريا مع بدء ولاية مجلس نيابي جديد في 21 أيار الفائت.
رابعاً: انهيار العملة الوطنية من دون أن يرف جفن للرجل “الاعجوبة ” رياض سلامة.
خامساً: فضيحة العصر التي لم يشهد لها العالم مثيلا منذ منتصف القرن التاسع عشر، حيث نهبت المصارف جنى عمر المودعين، في تواطؤ واضح بين البنك المركزي وحاكمه ومصارفه والسياسيين “الاكارم”.
النتيجة الواضحة على الحد الفاصل بين عام وعام: ان الديموقراطية عندنا هي ديموقراطية الأغبياء. الكسي دو توكفيل (1805 – 1859 ، وهومنظر سياسي فرنسي اهتم بالسياسة في بعدها التاريخي ، ومن آثاره “في الديموقراطية الاميركية 1835 – 1840 ) يقول: “ان الديموقراطية مثل اولاد الازقة تربي نفسها بنفسها ” . ولكن مع الأسف يبدو أن الديموقراطية عندنا لا تليق حتى بأولاد الازقة .. وللتاكيد تابعوا نواب الاعجوبة على الشاشات وعلى وسائل التواصل. ماذا بعد؟
ببساطة: نظام مأزوم مأزوم مازوم ويبقى أمام العام الجديد لا نملك الا أن نقول: حمى الله لبنان، وكل عام والجميع بخير.. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
أحمد زين الدين
الثبات,أقلام الثبات,الجمعة 30 كانون الأول , 2022