هل سنرى عملية “الأيدي النظيفة” في لبنان؟ – الراصد العربي

هل سنرى عملية “الأيدي النظيفة” في لبنان؟

قبل فترة غير قصيرة كان للمدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لقاء خاص مع مجموعة من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين، أكد خلالها الإصرار على متابعة ملفاته حتى النهاية، دون تردد إو وجل، يومها طلب من الصحافيين والإعلاميين والإعلام مساعدته بكشف الحقائق، وانبرى كثير من الحضور يؤكدون العزيمة والإصرار على المساعدة وكشف الحقائق.

يومها تكلمت بصراحة ووضوح، مؤكدا اننا كصحافيين محكومين بسقف الوسيلة الإعلامية التي نعمل بها، ومن يقول أنه قادر على فعل ذلك، أعتقد أنه مخطئ.

وأشرت أن املنا الوحيد كمواطنين وبشر نحلم بوطننا أن تسوده العدالة الحقيقية والقانون، ادعو القضاة الذين هم خشبة أملنا الوحيدة، لأن يتمثلوا بقضاة عملية الأيدي النظيفة في ايطاليا الذين قرروا الانتفاض بوجه المافيا والسياسيين من لصوص المال العام منذ نهاية العام 1991، حيث أزهرت حملة “الايدي النظيفة” كما اسماها البعض، أو “الأيادي البيضاء” كما اطلق عليها البعض الأخر، وفعلا انتجت هذه الحملة في الشهر الثاني من عام 1992 حقائق ووقائع مذهلة كان أبرزها:

  • توقيف نحو 1356 سياسيا وأداريا كبيرا ورجل أعمال.
  • فتح تحقيق عدلي بحق 1200 شخص.
  • وضع 1487 صناعيا ورجل أعمال و852 موظفا من أعلى الرتب و152 نائبا موضع تحقيق من قبل القضاة في كل ايطاليا.
  • أمام اتساع حملة القضاة خاف السياسيون الإيطاليون الكبار أو ما يسمونهم عندنا “أقطاب”، فرفضوا التضامن والدفاع عن السياسيين الأقل أهمية المتورطين، فكان أن لجأ هؤلاء إلى الإعتراف وكشف حقيقة سياسيين آخرين، فكرت السبحة، لتطال من على رؤوسهم  ريش من كبار القادة والمسؤولين الايطاليين.

أمام هذا الواقع الذي ارعب أوصال الطبقة  السياسية العليا التي تتبادل السلطة والمراكز والمنافع، كانت الحملة المضادة التي استهدفت قضاة “االأيادي النظيفة”، وراحت هذه الحملة باتجاهات مختلفة، تكاد تشبه مايجري عندنا ومن أبرزها:

اتهام قضاة “الأيدي النظيفة” بخدمة أهداف سياسية محاولة تشويه سمعة القاضي انطونيو بيتر، الذي تميز بصلابته ووطنيته، وذلك من خلال الزعم بتعاطيه المخدرات.

تحالف خفي نشأ بين سياسيين كبار والمافيا ، تجلى بصورته البشعة بالتهديد المباشر للقضاة، وتمثل باغتيال أحد قضاة “الايدي النظيفة” وهو القاضي فالكوني الذي تميز بكشفه وفضحه للمافيات وامتدادتها السياسية ومقاومتها ، وقد اغتيل مع مرافقيه.

لم بتراجع قضاة “الأيدي النظيفة” عن مهمتهم وأكدوا المثابرة على حملتهم ، فكان أن لجأت الحكومة التي حافظت على الأغلبية على تمرير قانون “عفو عام”عن التمويل غير الشرعي ،رفض الرئيس الإيطالي توقيعه لعدم دستوريته .

وهنا لعل من ابرز ما جعل قضاة “الأيدي النظيفة “يستمرون في حملتهم القانونية ضد الفساد والسرقة والنهب ، تلك الحركة الشعبية الواسعة التي انطلقت في مختلف انحاء إيطاليا ،مساندة للقضاء النزيه الذي جعل الرعب يدب في اوصال السياسين “الحرامية “.

فهل ستنطلق حملة “الأيدي النظيفة ” عندنا في لبنان ؟

انه الأمل الوحيد من أجل لبنان وناسه، واسترداد عشرات مليارات الدولارات الى الخزينة العامة .  

 

نشر في جريدة الثبات 09 نوفمبر 2019