بعد العام 1917، أعلنت المقاطعات الموزعة بين الدول الأربعة استقلالها، لكنها لاحقاً، وتحديداً في العام 1922 التحقت هذه المناطق بالاتحاد السوفياتي، تحت اسم: جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.
قبل العام 1917، لم يكن هناك دولة اسمها أوكرانيا، إذ أنه مع بداية القرن العشرين تم اقتسام الأراضي الأوكرانية بين النمسا والمجر وبولندا وروسيا.
في العام 1918، ألحق مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين، مناطق صناعية روسية ستة إلى الدولة حديثة الولادة، وكان من بينها: لوغانسك، ودونيتسك، الروسيتان، كما تم ضم غاليسيا أو ما كان يعرف باسم أوكرانيا الغربية، وهي جزء من بولندا إلى الدولة الجديدة، علماً أن غاليسيا ذات أكثرية كاثوليكية.
في ظل الاتحاد السوفياتي، تطورت اوكرانيا بشكل مذهل، فهذه “الدولة” التي كانت مع مطلع القرن العشرين ذات كثافة سكانية بسيطة جداً، وتتناتشها الدول المجاورة، ومجرد دولة زراعية لا تكفي حاجة سكانها، أضحت في الفترة السوفياتية، دولة صناعية وزراعية هامة، فصار فيها صناعات: الطائرات، والبتروكيميائيات، والصواريخ، والطاقة الكهربائية، حيث ورثت من الحقبة السوفياتية أربع محطات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى الصناعات الدفاعية، ناهيك عن استخراج الفحم والمعادن.
وإلى ذلك، فقد توسعت أوكرانيا في الحقبة السوفياتية من حيث المساحة، إذ ألحق الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف وهو أوكراني، شبه جزيرة القرم الروسية بأوكرانيا، وما يمكن تأكيده أن أوكرانيا، لم تحصل على مساحات شاسعة من الأراضي والمناطق وحسب، بل حظيت بمكانة اقتصادية كبرى، خصوصاً في ظل سلطة قادة سوفيات من أصول أوكرانية وهم: نيكيتا خروتشوف، ليونيد بريجنيف، قسطنطين تشيرنينكو، الذين وفروا كل أسباب الحياة والتطور لأوكرانيا، التي صارت تحتل عاشر أكبر اقتصاد في أوروبا.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في كانون الأول 1991، أصبحت أوكرانيا لأول مرة في تاريخها دولة مستقلة، فاعتمد وارثو السلطة نظام السوق، والخصخصة المتوحشة التي أخذت تبيع الأملاك العامة بأتفه الأسعار، مما خلق طبقة رأسمالية متوحشة، أكلت كالجراد الأخضر واليابس، وصار هذا البلد متميزاً بالفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأخذ يعتمد على تحويلات العمالة الأوكرانية المهاجرة، حيث هناك أكثر من عشر ملايين مهاجر من أصل 45 مليون نسمة.
| حين جنرالات أميركيون فكروا بتجربة القنبلة الذرية بالاتحاد السوفياتي بدلاً من اليابان |
منذ العام 2014، كثر الحديث عن انبعاث النازية في أوكرانيا، وعن النازيين الجدد، الذين حظيوا بدعم الغرب والولايات المتحدة، ويتضح هنا حجم العداء الذي تكنه واشنطن لروسيا، منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، ووفق المعلومات، فإنه إبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وقبل أن يلقي الأميركي القنبلتين الذريتين على هيروشيما ونكازاكي في اليابان، فإن جنرالات أميركيين فكروا بتجربة القنابل الذرية، بالاتحاد السوفياتي، مع أن موسكو وواشنطن وهذه الأخيرة دخلت الحرب متأخرة، كانت ضمن “قوات الحلفاء” في مواجهة دول المحور.
وإبان هذه الحرب، ومع اندفاع القوات الهتلرية في الأراضي السوفياتية، قبل أن تتمكن الجيوش السوفياتية (الجيش الأحمر) وقوات المقاومة الشعبية، من صد الغزو الألماني، وبدء الهجوم المعاكس الذي انتهى باحتلال برلين.. في تلك الفترة استقبل القوميون الأوكران ومعظمهم من غرب أوكرانيا (غاليسيا) القوات الألمانية النازية بالزهور، وتم تشكيل فرق أمنية خاصة بقيادة رجل يدعى ستيفان بانديرا، المعجب بهتلر، وخاضوا القتال ضد الجيش السوفياتي وارتكبوا أبشع المجازر بحق المواطنين الأوكران وبين عامي 1944-1945، قتل نحو مليوني أوكراني ونحو مئة ألف بولندي، وأحرقوا في إجرامهم ووحشيتهم أطفالاً ونساء ورجالاً في جمهورية بيلاروسيا، كما عملوا كحراس لمعسكرات الاعتقال الألمانية، وتعاملوا مع الأسرى بوحشية قل نظيرها..
| النازيون الأوكران الجدد.. حلفاء الناتو والصهيونية |
منذ العام 2014، عبر سكان أوكرانيا بشدة عن عدم رضاهم على السلطة الموالية للغرب، التي تفوز في الانتخابات، عبر تنفيذ انقلاب مدعوم من واشنطن وحلف الناتو، بحيث اعترفت وزارة الخارجية الأميركية في حينه أنها تكلفت خمسة مليارات دولار في إعداد هذا الانقلاب الانتخابي، الذي جاء بالنازيين الجدد إلى السلطة، والذين شكلوا مع اليهود (رئيس الدولة زيلنسكي ورئيس حكومته، يهود موالون للصهيونية) والنازيون الجدد الذين يمتنعون عن معاداة السامية، مع الطبقة الرأسمالية الأوليغارشية التي تكونت بعد ضرب وبيع القطاع العام، تحالفاً، ليس هدفه المصلحة الوطنية لشعب أوكرانيا، إنما خدمة المصالح الأميركية وأهداف الناتو، لدرجة أن السياسة الأوكرانية تدار من قبل سفارة الولايات المتحدة في كييف، وبالتالي، فإن الدولة الأوكرانية الآن هي عبارة عن تحالف العناصر الإجرامية النازية وطبقة رأسمالية طفيلية تتميز بالثراء الفاحش وتديرها الولايات المتحدة التي يبقى همها هزيمة روسيا الاتحادية وتقسيمها، والبداية وفق المشروع الجهنمي للناتو وعلى رأسه واشنطن، كان تصفية الأوكران من أصل روسي.
وهذا ما لنا عودة إليه.
أحمد زين الدين الثبات,أقلام الثبات , الخميس 24 آذار , 2022