ورقة الإصلاحات الحكومية .. علاج المرض العضال بالمهدئات – الراصد العربي

ورقة الإصلاحات الحكومية .. علاج المرض العضال بالمهدئات

قد يكون اهم ما ورد في الورقة الإصلاحية الحكومية  الاعتراف العلني والمباشر بالفساد والهدر و بإثراء غير مشروع، لكن الحلول و المباشرة العملية لعلاج هذا المرض العضال لم يؤت على ذكرها، بل ان هذه الورقة اكدت على مزيد من الكوارث المنتظرة بالحلول المقترحة والموعودة من خلال تبشير الناس بمزيد من الخصخصة، من خلال ما جاء في البند الثالث من هذه الورقة “البدء بإشراك القطاع الخاص وتحرير المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري :

أ- الموافقة على البدء بعملية اشراك القطاع الخاص في شركتي الخليوي وتكليف المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة تعيين استشاري مالي وتقني وقانوني للبدء باجراءات تحضير دفاتر الشروط واجراء التلزيمات اللازمة ورفع الامر الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.

ب- المباشرة بالدراسات اللازمة، ووفقا للأصول والقوانين المرعية الاجراء، بإشراك القطاع الخاص في الشركات والمؤسسات التالية: بورصة بيروت، شركة طيران الشرق الاوسط، شركة الشرق الاوسط لخدمة المطارات، مؤسسة ضمان الودائع، شركة سوديتيل، كازينو لبنان، شركة انترا، مرفأ بيروت، ادارة حصر التبغ والتنباك، ومنشآت النفط

 وتتجلى السرعة والاهتمام بهذا الامر انه حدد نهاية نهابة العام لانجازه ” على ان ترفع الاقتراحات بهذا الخصوص من قبل الوزراء المعنيين تباعا وبمهلة اقصاها “30/12/2019” ، بما معناه خصخصة كل أو جزء من المؤسسات الرابحة.

وفي البند 23 من الورقة تأكيد على تنفيذ توصيات ماكنزي وجاء فيها :” تكليف اللجنة الوزارية (المكلفة وضع استراتيجية اقتصادية) المشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 53 تاريخ 28/2/2019 اعداد الخطوات والتدابير اللازمة لوضع توصيات دراسة ماكينزي قيد التنفيذ.”

اما ما جاء في توصيات ماكنزي فإن من االبارز فيها  :”العمل على تفعيل 3 ممكنات لتحفيز النمو الاقتصادي بوتيرة أعلى، وهي تطاول الإدارة العامّة من خلال استقرار و/أو خفض الرواتب والأجور وتجميد التوظيف في القطاع العام، والسياسة المالية عبر خفض التحويلات السنوية لمؤسسة كهرباء لبنان بنحو 1 إلى 2 مليار دولار، وخفض العجز بنسبة 1% سنوياً، وتحديد سقف مالي للحكومة، وفرض ضرائب جديدة على التبغ وزيادة ضريبة القيمة المضافة ورسوم التسجيل العقاري، وتكثيف الجباية من 40% إلى 70%.”

والورقة الحكومية تحوي مشروعا تهجيريا من خلال البند الثامن بإحياء”العظام وهي رميم “من خلال “اتخاذ الإجراءات اللازمة لاعادة إطلاق مشروعي اليسار ولينور “، وهنا نود ان نذكر بانتفاضة منطقة الاوزاعي في منتصف تسعينيات القرن الماضي ضد اليسار التي جمد مشروعها .

اما عن مكافحة الفساد ونهب المال العام فكان مجرد وعود غير واضحة وفقا لما جاء في البند 17 من الورقة والتي جاء فيها :” تعزيز الشفافية والحد من الفساد وذلك من خلال إقرار سلة من الاجراءات في مهلة أقصاها 30/12/2019، وأبرزها:

أ- البدء بمناقشة مشروع قانون استعادة الأموال العامة المنهوبة المقدم من قبل وزارة العدل.

ب- اقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي.

ت- اصدار المراسيم التطبيقية لقانون – تعزيز الشفافية في قطاع البترول وقانون حماية كاشفي الفساد.

ث- متابعة مشروع القانون المتعلق بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.

ج- اعداد مشروع قانون اخضاع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة لرقابة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، اضافة الى اخضاع مشترياتها لإدارة المناقصات.” علما ان المطلوب والملح هو رفع السرية المصرفية وحركة سحب وتحويل الأموال لكل من تسلم مسؤولية عامة من أواسط ثمانينيات القرن الماضي مرورا بمرحلة ما بعد 1992 حتى اليوم وما بعده .

اما بشأن مساهمة مصرف لبنان بخفض خدمة الدين الغام لسنة 2020 بنسبة 50 بالمئة، “و فرض ضريبة دخل استثنائية على المصارف لسنة واحدة في العام 2020 بما يؤمن مبلغ 600 مليار ليرة لبنانية”، وفقا لما جاء في البند 14، فاننا نسأل: وماذا عن عام 2021 وما بعدها ؟

هذه الملاحظات وغيرها لا يمنعنا من السؤال عن مصير المؤسسات والشركات الكبرى التي تعفى من دفع الضرائب والمتأخرات المتوجبة عليها كحال شركة “سوليدير “، وممارسات النهب التي قامت بها ليس بحق أصحاب الحقوق في وسط بيروت وحسب ،بل بحق الدولة واهم مثال على ذلك ارض النورماندي التي دفع ثمنها عشرات الملايين من الدولارات فيما سعرها الحقيقي يتجاوز ال40 مليار دولار .

كما ان ذلك لا يمنع من السؤال عن مصير أموال منهوبة، فماذا عن مصير 11 مليار دولار فرق موازنات ما قبل عام 2017، وماذا عن مصير اكثر من 4 مليار دولار وصلت هبات الى لبنان في حرب تموز 2006 ولم يتم ادخالها الى خزينة الدولة، و ماذا عن محرقة برج حمود التي دفعت كامل تكاليفها في تسعينيات القرن الماضي ولم يبدو لها اي اثر، وغيرها الكثير من الوقائع والامثلة .

بقي كلمة أخيرة للحراك الشعبي وهي: إياكم ان تصدقوا ان من ادخل براميل النفايات السامة الى لبنان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي و دفن قسما منها قرب ينابيع المياه انه يريد الإصلاح و اياكم ان تصدقوا سلالة من اشترى طوافات البوما على أساس انها فرنسية، فاذا بها رومانية الصنع، اياكم تصدقوا من قال: “فليحكم الاخوان في سورية “، وغيرهم من الذين يتلقون الأوامر الأميركية والسعودية والقطرية. و ربما أيضا الصهيونية .

أحمد زين الدين- جريدة الثبات

الثلاثاء 22 تشرين اول 2019