هذا اليوم كان يراد له ان يكون يوما مفصليا في المسيحية المشرقية واصالتها.. وان يكون بداية لنوع من المسيحية الصهيونية أن جاز التعبير . كان الرئيس سليمان فرنجية قد عرف بالمخطط الأميركي الخطير الذي يحضر للمسيحيين في لبنان في العام 1976، حين استقبل الموفد الأميركي دين براون الذي عرض على رئيس الجمهورية أن البواخر في عرض البحر جاهزة لنقل المسيحيين في لبنان إلى أي مكان يريدون في العالم، وهنا كما قال لي الرئيس الراحل في لقاء معه، صرخ بدين براون ورفض بشدة الجريمة بحق لبنان، وحين انتهى اللقاء “همّ الرئيس فرنجية أكثر من مرة لأن يخبط بقدمه على قفاه لبراون”، وأخيراً تركه دون أن يستكمل وداعه.
فيما بعد اكتشف الرئيس فرنجية ان هناك علاقات تنسج حبالها بقوة بين (الجبهة اللبنانية) وذراعها العسكرية ، (القوات اللبنانية )بقيادة بشير الجميل، من جهة، والكيان الصهيوني، من جهة أخرى، فأثر الانسحاب من هذه الجبهة..بعد أن حذر كميل شمعون وبيار الجميل من هذه العلاقات الخطيرة على لبنان عموما، وعلى المسيحيين خصوصا ..لكن الاثنين لم ينصتا للرجل الحكيم ..فكميل كان يريد مزيدا من تهور بشير الصاعد كالصاروخ ،وبيار كان يرى فيه تحقيق حلمه الآتي به من المانيا مع تصاعد النازية عام 1936.
بالمناسبة، نشير إلى أنه في الحادي عشر من تموز عام 1973 اعتقل ضابط إسرائيلي في لبنان يحمل جواز سفر ألماني مزور باسم اورلخ لوسبرغ، والذي تبين فيما بعد أن اسمه الحقيقي داني ياتوم والذي اصبح مدير جهاز الموساد عام 1996 إلى 1998 ، وتم اعتقاله في حقل العزيمة بمنطقة سير الضنية بشمال لبنان على يد قائد شرطة مدينة طرابلس النقيب عصام أبو زكي عام 1973 وأدلى باعترافات واضحة أنه كان يراقب منزل سليمان فرنجية في اهدن والقصر الجمهوري في بعبدا إضافة إلى تردده إلى محيط قصر المختارة ومحاولة التقاط الصور لمقر إقامة كمال جنبلاط كما تبين من خلال التحقيقات أنه كان يخطط لاعمال اغتيال في مدينة طرابلس.
عودة إلى مجزرة إهدن، فإن بشير الجميل لم يكن يريد أي صوت مشرقي اصيل يعارضه؛ ولهذا كان قراره المدمر والخطير والمنسق مع العدو ألصهيوني بتصفية ال فرنجية .وكل صوت يعارض اندفاعته في ما كان يسمى المناطق الشرقية.
وفي ليل 12 _13 حزيران كان نحو 1500 مسلح بقيادة طالب الطب السابق سمير جعجع يهجمون على البلدة الوادعة ،اهدن؛مستهدفين دارة الرئيس فرنجية،التي كان ينام فيها الوزير والنائب طوني فرنجية وزوجته فيرا وطفلتهما جيهان ابنة 3سنوات بينما كان الفتى سليمان ابن 13 عاما عند جده في زغرتا …وكانت المجزرة المروعة التي يندى لها جبين الإنسانية. حتى الملاك جيهان خرق جسدها بعشرات الرصاصات .. ……..وبذلك كانت البداية الحقيقية لمحاولة الغاء المسيحية المشرقية الوضاءة …والتي أدخلت لبنان في النفق المظلم الطويل ..بفعل هذه البربرية الداعشية.
الجدير بالذكر؛ انه سبق هذه (الغزوة)على اهدن في 14 أذار من نفس العام عملية العدو الصهيوني تحت ما يسمى (عملية الليطاني)التي أنتجت دويلة العميل سعد حداد ..وكان لجريمة اهدن النكراء دور بارز في عدم تطبيق القرار 425…او الذريعة في عدم التنفيذ إلى أن نفذته المقاومة بالقوة ..وبلا أي قيد أو شرط في أيار 2000.
أحمد زين الدين
الثبات,أقلام الثبات,الإثنين 12 حزيران , 2023