النقل ودوره في التنمية الوطنية والاجتماعية – الراصد العربي

النقل ودوره في التنمية الوطنية والاجتماعية

في أي بلد تشكل حركة النقل وجهه الحضاري الأول لزائره، لأنها تشير إلى انتظام دورات الحياة والعمل وتقدم الدولة وتنمية المجتمع، وبالتالي، فإن النقل العام هو الواجهة التي تقاس بها حضارة الأمم من خلال انتظام حركة النقل العام ومستوى تطورها، إضافة إلى شبكة الطرق الجيدة.

وتنظيم وتطوير حركة النقل العام يسهم في تقريب المسافات وتوطيد العلاقات والربط وتعزيز حركة التبادل التجاري والانتعاش الاقتصادي والتطور الحضاري.

لقد شكلت قضية النقل أمام الدول مهمة وطنية ملحة، لانتظام سير المجتمع، وبهذا تعددت وسائله التي تصب في هدف واحد، وهو تنظيم المجتمعات ودورة العمل والإدارة والتعليم والتنمية، ولهذا تعددت أشكال هذا النقل: من باصات إلى المترو إلى القطار، وهلم جرا، تسير كلها كالساعة تماماً، فيصل العامل إلى عمله في الوقت المحدد، وكذلك الموظف، والتلميذ والطالب، أما عندنا في لبنان، فلا وجود لحد أدنى من هذا الأمر، حتى النقل العام، ما أن تسير باصاته القليلة المحصورة في حدود بيروت الكبرى حتى تصيبها الأعطاب والأعطال ويتم تحويلها إلى التقاعد أو تحويلها إلى خردة، ومن دون أي خطة لتطوير حركة النقل.

في الدول التي تطلع إلى تنمية حقيقية لمجتمعاتها تضع السير والنقل في مقدمة  اهتماماتها وهي ترتكز إلى:

إدارة استراتيجية النقل العام للركاب، والمهمة الأساس وصول كل فرد في المجتمع إلى مهمته ودوره بأبسط السبل وأقلها تكلفة، وبالتالي، فإن اقتصاديات النقل العام وتشغيله تلعب دوراً هاماً في التنمية.

ثم للنقل العام دور هام وأساسي في حماية البيئة لأنه بانتظام النقل العام، وتسهيله للمواطنين، لا يعود من ضرورة لاستعمال السيارات الخاصة التي يصبح دورها مقتصراً على رفاهية العائلة وتنقلاتها في الفرص والعطل الأسبوعية، وبالتالي، فإن تطوير وانتظام وتقدم النقل العام يخفف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وتلويث الحياة والهواء والطبيعة، مما يسهم في الحفاظ على بيئة سليمة.

إن انتظام النقل العام على أنواعه وشتى مستوياته يسهم في تخفيف الحوادث المرورية.

عندنا في لبنان تحول النقل، وخصوصاً في الأزمات إلى فوضى ضاربة ووسيلة لابتزاز العامل والموظف وذوي الدخل المحدود، وباتت أجرة النقل تلتهم معظم مدخول العائلة، من دون أن يرف جفن للسلطة، ولنقابات السائقين والسائقين وحتى للاتحادات العمالية.

إن حركة النقل في معظم دول العالم باتت تعتمد نظام معلومات نقل ذكية، وبالتالي، لابد من إدارة استراتيجية للنقل العام، والاستفادة من التجارب العالمية في مجال تخطيط وتطوير النقل العام وإدارته بطريقة ذكية تقوم على الاهتمام باقتصاديات تشغيله واستفادة المجتمع منه، والدولة، ليكون أداة تنمية حقيقة وفاعلة.

أحمد زين الدين

الثبات,أقلام الثبات ,الخميس 16 حزيران , 2022